سنة الجمعة القبلية
بقلم:_الشيخ احمد تركي
قال بمشروعيتها الإمام أبو حنيفة وأصحاب الشافعي فى أظهر الوجهين عندهم والحنابلة فى غير المشهور.
وعند الأحناف يسن صلاة أربع ركعات قبل الجمعة وأربع بعدها، وعند الشافعية كالظهر.
ولم يقل بمشروعيتها الإمام مالك والحنابلة فى المشهور عنهم، وشهاب الدين أبو شامة الشافعي الذي خالف ابن حجر العسقلاني وعموم الأصحاب ورجال المذهب.
ودليلهم :
ما رواه الجماعة إلا مسلم عن السائب بن يزيد -رضي الله عنه- قال: كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- فلما كان عثمان -رضي الله عنه- وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء.
وفى رواية للإمام البخاري :
زاد النداء الثاني.
ووجه الإستدلال:
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يخرج من بيته، فإذا رقى المنبر أخذ سيدنا بلال فى الآذان فإذا أكمله أخذ النبي صلى الله عليه وسلم فى الخطبة فمتى كانوا يصلون السنة؟
فأجاب القائلون بمشروعية سنة الجمعة القبلية بأن هذا الحديث وإن كان قويا إلا أنه ليس قطعي الدلالة على أن سنة الجمعة القبلية غير مشروعة، وقد جاءت الروايات مؤكدة لهذا الإحتمال كما سيأتي، وبخاصة إذا علمنا أن الجمعة كانت تؤخر أحيانا عن بدء وقتها بالزوال، والفرصة سانحة للناس أن يصلوا بعد الزوال وقبل خروج الإمام كما فى حديث الإمام أحمد عن عطاء الخرساني قال:
كان نبيشة الهذلي -رضي الله عنه- يحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "أن المسلم إذا اغتسل يوم الجمعة ثم أقبل إلى المسجد لا يؤذى أحد، فإن لم يجد الإمام خرج صلى مابدا له، وإن وجد الإمام قد خرج جلس فاستمع وانصت...."
هذا وعدم رؤية السائب بن يزيد لصلاة النبى -صلى الله عليه وسلم- لسنة الجمعة القبلية لا يدل على عدمها، لما هو معروف
أن عدم العلم بالشىء لا يدل على عدمه أو نفيه، فمن الجائز أن يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاها فى بيته ولم يعلم السائب بن يزيد بذلك كما سيأتي فى أدلة القائلين بمشروعيتها.
حجية القائلين بمشروعيتها:
أولا: الأدلة من السنة القولية:
1- حديث" بين كل أذانين صلاة، بين كل اذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة".
رواه البخاري ومسلم من حديث عبدالله بن مغفل.
2- حديث "ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها ركعتان" .
رواه ابن حبان وصححه من حديث عبدالله بن الزبير، فالحديث يدل بعمومه على مشروعية صلاة ركعتين سنة قبل صلاة فريضة الجمعة، وليس هناك مخصص لهذا العموم، ولا يقال إنه مخصص لغير الجمعة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج لم يصليهما قبل أن يرقى المنبر، لأن العام لا يخصصه إلا منع خاص من صلاة ركعتين أو أربع بعد الزوال قبل الأذان للخطبة، ولم يوجد ذلك، وصلاة النبي صلى الله عليه وسلم لهما سيأتي الكلام عليها.
وهذان الحديثان أقوى ما يتمسك به فى مشروعية السنة القبلية للجمعة كما قال ابن حجر فى الفتح، وذكر النووي فى المجموع : أن العمدة فى مشروعيتها حديث عبدالله بن مغفل.
3- حديث سليك بن هدية وقيل ابن عمرو الغطفاني -رضي الله عنه- دخل المسجد والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب، فجلس يستمع الخطبة، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-:
اصليت ركعتين قبل أن تجلس، فقال: لا. فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي ركعتين. وقال:
"إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما" .
وفى رواية :
" إذا أتى أحدكم والإمام يخطب أو قد خرج فليصل ركعتين".
رواه البخاري ومسلم.
رأى بعض العلماء أن صلاة سليك هى السنة القبلية، وقيل هى صلاة خاصة بسليك لحث الحضور في المسجد للتصدق عليه حيث دخل المسجد فى هيئة بذة -أي رثة وثياب بالية قديمة- وليست تشريعا عاما، ورأى آخرون: أنها تحية المسجد.
ثانيا: الأدلة الفعلية :
فعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا، يجعل التسليم فى آخرهم ركعة" .
رواه الطبراني فى الأوسط وهو حديث قيل: حديث حسن، وفيه محمد بن عبدالرحمن السهمي وهو مختلف فيه.
وقال علي القاري فى المرقاة :
وقد جاء فى إسناد جيد -كما قال الحافظ العراقي- أنه كان صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبلها أربعا.
وروى الطبراني فى الأوسط عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال:
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي قبل الجمعة ركعتين وبعدها ركعتين" .
وقد ساقه الحافظ ابن حجر فى التلخيص وسكت عنه، فهو حديث صحيح أو حسن على قاعدته.
ثالثا: فعل السلف الصالح :
فقد جاء فى الأثر عن ابن مسعود -رضي الله عنه- بسند صحيح :
أنه كان يصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا، قاله الترمذي فى جامعه: وكان يأمر الناس بها ويعلمهم ذلك كما جاء فى "إطفاء الفتن على إعلام السنن" لحكيم الهند"أشرف على التهانوي" .
وجاء فى "نصب الراية": كان عبدالله يأمرنا أن نصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا.
رواه عبدالرزاق فى مصنفه.
وفى "الدراية": رجاله ثقات. وفى "آثار السنن": إسناده صحيح.
فتأكيد ابن مسعود -رضي الله عنه- عليها يدل على أنها ليست نفل مطلق، فالنفل المطلق لا يؤمر به أمر إرشاد بهذه العناية وهذا التأكيد من سيدنا عبدالله بن مسعود.
وهذا الأثر الموقوف له حكم المرفوع لأن الظاهر أنه قد ثبت عنده من النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه شيء، وإلا لما أمر به.
يقول الكمال بن الهمام: ما روى عن ابن مسعود ذهب إليه ابن المبارك والثوري.
وروى أبوداود عن نافع قال :
كان ابن عمر -رضي الله عنه- يطيل الصلاة قبل الجمعة، ويصلي بعدها ركعتين فى بيته ويحدث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يفعل ذلك.
قال العراقي: إسناده صحيح.
وقال الزرقاني على المواهب اللدنية: واحتج به النووى فى الخلاصة على إثبات سنة الجمعة التى قبلها.....
وذكر الزيلعي: أن ابن سعد روى فى "الطبقات" أن السيدة صفية بنت حيي -رضي الله عنها- صلت أربع ركعات قبل خروج الإمام للجمعة ثم صلت الجمعة مع الإمام ركعتين.
وذكره ابن حجر فى الفتح وسكت عنه فهو إما صحيح أو حسن على عادته.
والسيدة صفية -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- الغالب أنها رأت النبي يفعل ذلك قبل خروجه إلى المسجد.
رابعا: القياس :
فالجمعة بدل الظهر فى يومها فهي مثلها فى راتبتها، وإن لم تكن مثلها تماما فى عدد الركعات.
ويؤخذ هذا من صنيع الإمام البخاري فى الترجمة "باب الصلاة بعد الجمعة وقبلها" ولم يذكر شيئا عن الصلاة قبل الجمعة، كأنه -كما حكاه ابن حجر فى الفتح عن ابن المنير- يقول: الأصل استواء الظهر والجمعة حتى يدل دليل على خلافه، لأن الجمعة بدل الظهر.
أيها المسلم الكريم: من صلى قبل الجمعة وافق رأيا له دليله وحجته، ومن لم يصلي فهو قد وافق رأيا فقهيا له حجته ودليله.
سنة الجمعة القبلية،
قال بمشروعيتها الإمام أبو حنيفة وأصحاب الشافعي فى أظهر الوجهين عندهم والحنابلة فى غير المشهور.
وعند الأحناف يسن صلاة أربع ركعات قبل الجمعة وأربع بعدها، وعند الشافعية كالظهر.
ولم يقل بمشروعيتها الإمام مالك والحنابلة فى المشهور عنهم، وشهاب الدين أبو شامة الشافعي الذي خالف ابن حجر العسقلاني وعموم الأصحاب ورجال المذهب.
ودليلهم :
ما رواه الجماعة إلا مسلم عن السائب بن يزيد -رضي الله عنه- قال: كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- فلما كان عثمان -رضي الله عنه- وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء.
وفى رواية للإمام البخاري :
زاد النداء الثاني.
ووجه الإستدلال:
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يخرج من بيته، فإذا رقى المنبر أخذ سيدنا بلال فى الآذان فإذا أكمله أخذ النبي صلى الله عليه وسلم فى الخطبة فمتى كانوا يصلون السنة؟
فأجاب القائلون بمشروعية سنة الجمعة القبلية بأن هذا الحديث وإن كان قويا إلا أنه ليس قطعي الدلالة على أن سنة الجمعة القبلية غير مشروعة، وقد جاءت الروايات مؤكدة لهذا الإحتمال كما سيأتي، وبخاصة إذا علمنا أن الجمعة كانت تؤخر أحيانا عن بدء وقتها بالزوال، والفرصة سانحة للناس أن يصلوا بعد الزوال وقبل خروج الإمام كما فى حديث الإمام أحمد عن عطاء الخرساني قال:
كان نبيشة الهذلي -رضي الله عنه- يحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "أن المسلم إذا اغتسل يوم الجمعة ثم أقبل إلى المسجد لا يؤذى أحد، فإن لم يجد الإمام خرج صلى مابدا له، وإن وجد الإمام قد خرج جلس فاستمع وانصت...."
هذا وعدم رؤية السائب بن يزيد لصلاة النبى -صلى الله عليه وسلم- لسنة الجمعة القبلية لا يدل على عدمها، لما هو معروف
أن عدم العلم بالشىء لا يدل على عدمه أو نفيه، فمن الجائز أن يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاها فى بيته ولم يعلم السائب بن يزيد بذلك كما سيأتي فى أدلة القائلين بمشروعيتها.
حجية القائلين بمشروعيتها:
أولا: الأدلة من السنة القولية:
1- حديث" بين كل أذانين صلاة، بين كل اذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة".
رواه البخاري ومسلم من حديث عبدالله بن مغفل.
2- حديث "ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها ركعتان" .
رواه ابن حبان وصححه من حديث عبدالله بن الزبير، فالحديث يدل بعمومه على مشروعية صلاة ركعتين سنة قبل صلاة فريضة الجمعة، وليس هناك مخصص لهذا العموم، ولا يقال إنه مخصص لغير الجمعة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج لم يصليهما قبل أن يرقى المنبر، لأن العام لا يخصصه إلا منع خاص من صلاة ركعتين أو أربع بعد الزوال قبل الأذان للخطبة، ولم يوجد ذلك، وصلاة النبي صلى الله عليه وسلم لهما سيأتي الكلام عليها.
وهذان الحديثان أقوى ما يتمسك به فى مشروعية السنة القبلية للجمعة كما قال ابن حجر فى الفتح، وذكر النووي فى المجموع : أن العمدة فى مشروعيتها حديث عبدالله بن مغفل.
3- حديث سليك بن هدية وقيل ابن عمرو الغطفاني -رضي الله عنه- دخل المسجد والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب، فجلس يستمع الخطبة، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-:
اصليت ركعتين قبل أن تجلس، فقال: لا. فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي ركعتين. وقال:
"إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما" .
وفى رواية :
" إذا أتى أحدكم والإمام يخطب أو قد خرج فليصل ركعتين".
رواه البخاري ومسلم.
رأى بعض العلماء أن صلاة سليك هى السنة القبلية، وقيل هى صلاة خاصة بسليك لحث الحضور في المسجد للتصدق عليه حيث دخل المسجد فى هيئة بذة -أي رثة وثياب بالية قديمة- وليست تشريعا عاما، ورأى آخرون: أنها تحية المسجد.
ثانيا: الأدلة الفعلية :
فعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا، يجعل التسليم فى آخرهم ركعة" .
رواه الطبراني فى الأوسط وهو حديث قيل: حديث حسن، وفيه محمد بن عبدالرحمن السهمي وهو مختلف فيه.
وقال علي القاري فى المرقاة :
وقد جاء فى إسناد جيد -كما قال الحافظ العراقي- أنه كان صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبلها أربعا.
وروى الطبراني فى الأوسط عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال:
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي قبل الجمعة ركعتين وبعدها ركعتين" .
وقد ساقه الحافظ ابن حجر فى التلخيص وسكت عنه، فهو حديث صحيح أو حسن على قاعدته.
ثالثا: فعل السلف الصالح :
فقد جاء فى الأثر عن ابن مسعود -رضي الله عنه- بسند صحيح :
أنه كان يصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا، قاله الترمذي فى جامعه: وكان يأمر الناس بها ويعلمهم ذلك كما جاء فى "إطفاء الفتن على إعلام السنن" لحكيم الهند"أشرف على التهانوي" .
وجاء فى "نصب الراية": كان عبدالله يأمرنا أن نصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا.
رواه عبدالرزاق فى مصنفه.
وفى "الدراية": رجاله ثقات. وفى "آثار السنن": إسناده صحيح.
فتأكيد ابن مسعود -رضي الله عنه- عليها يدل على أنها ليست نفل مطلق، فالنفل المطلق لا يؤمر به أمر إرشاد بهذه العناية وهذا التأكيد من سيدنا عبدالله بن مسعود.
وهذا الأثر الموقوف له حكم المرفوع لأن الظاهر أنه قد ثبت عنده من النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه شيء، وإلا لما أمر به.
يقول الكمال بن الهمام: ما روى عن ابن مسعود ذهب إليه ابن المبارك والثوري.
وروى أبوداود عن نافع قال :
كان ابن عمر -رضي الله عنه- يطيل الصلاة قبل الجمعة، ويصلي بعدها ركعتين فى بيته ويحدث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يفعل ذلك.
قال العراقي: إسناده صحيح.
وقال الزرقاني على المواهب اللدنية: واحتج به النووى فى الخلاصة على إثبات سنة الجمعة التى قبلها.....
وذكر الزيلعي: أن ابن سعد روى فى "الطبقات" أن السيدة صفية بنت حيي -رضي الله عنها- صلت أربع ركعات قبل خروج الإمام للجمعة ثم صلت الجمعة مع الإمام ركعتين.
وذكره ابن حجر فى الفتح وسكت عنه فهو إما صحيح أو حسن على عادته.
والسيدة صفية -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- الغالب أنها رأت النبي يفعل ذلك قبل خروجه إلى المسجد.
رابعا: القياس :
فالجمعة بدل الظهر فى يومها فهي مثلها فى راتبتها، وإن لم تكن مثلها تماما فى عدد الركعات.
ويؤخذ هذا من صنيع الإمام البخاري فى الترجمة "باب الصلاة بعد الجمعة وقبلها" ولم يذكر شيئا عن الصلاة قبل الجمعة، كأنه -كما حكاه ابن حجر فى الفتح عن ابن المنير- يقول: الأصل استواء الظهر والجمعة حتى يدل دليل على خلافه، لأن الجمعة بدل الظهر.
أيها المسلم الكريم: من صلى قبل الجمعة وافق رأيا له دليله وحجته، ومن لم يصلي فهو قد وافق رأيا فقهيا له حجته ودليله.
فاللهم لطفا بأمة سيد الأولين والآخرين.
وحد صفوفهم واجمع كلمتهم وانر بصيرتهم.
فاللهم لطفا بأمة سيد الأولين والآخرين.
وحد صفوفهم واجمع كلمتهم وانر بصيرتهم.